منتدي محمود عبد الجواد محمد المهدي
الله اكبر


ألف شكر
بارك الله بجهودك
وننتظر منك المزيد من الابداعات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي محمود عبد الجواد محمد المهدي
الله اكبر


ألف شكر
بارك الله بجهودك
وننتظر منك المزيد من الابداعات

منتدي محمود عبد الجواد محمد المهدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رأي في التصوّف

اذهب الى الأسفل

رأي في التصوّف Empty رأي في التصوّف

مُساهمة  Admin السبت ديسمبر 28, 2013 1:21 am

رأي في التصوّف

الباحثه والأديبة ثناء درويش
حين تزداد الغربة بين عالمنا الداخلي والمحيط , هل يكون الحل هو الهروب ؟
هذا الهروب الذي يختار الانتحار حيناً كطريقة للخلاص, أو ينعكس أمراضاً نفسية كالفصام والاكتئاب حيناً آخر وهل يكون إنهاء الحياة بشفرة قرار جريء وخطير دليل قوة فعلاً ؟
أحاول أن أصدق ذلك , فيصعب علي .
لا لأني لا أملك هذه القدرة الصاعقة على اختيار موتي كما أحب ولكن لأسباب أخرى أعرضها لاحقاً … بعد أن أتأمل .
أتأمل شخصيات كثيرة قرأت عنها وعن نهاياتها المأساوية – والتي هي ليست كذلك حتماً بالنسبة لأصحابها –
وأتساءل : لماذا الشعراء والأدباء والفنانون أكثر ميلاً للهروب بأشكاله من سواهم ؟
أتأمل في عمق تركيبة الإنسان, وأرصد عالم الشعور والأحاسيس التي مصدرها النفس لا العقل, وأراها تتضخم عند من ذكرت, حتى تغدو المسيطرة والمسيرة لحياتهم, تحجب غيومها نور العقل, حتى تبدو هي اليقين وسواها محض أوهام وخيالات .
أتأمل الإنسان وحيداً مهزوماً, لاشيء يحميه من ضعفه أمام قهر محيطه, لا يملك إلا مشاعر عجز الاخر عن فهمها وقد سلمها أمره فأودت به إلى النهاية التي ظن أنه اختارها متحدياً قوانين الطبيعة والوجود .
وفي عمق تأملاتي يهتف بي صوت يعارض استرسالي : (وهل الطريق الذي يختاره الصوفي إلا هروب في اتجاه معاكس) .
لا .. أجيب, وأنا أعي ما يعنيه التصوف تماماً, وفق فهمي وإحساسي وإيماني به .
فالصوفي أساساً مؤمن, والإيمان – وفق ما أرى - حماية للمرء من كل أمراض النفس .
إيمان تدريجي لا يهبط فجأة, ولا يأتي وراثة أو تلقيناً رغم أهمية ذلك أحياناً بل يلمع كومضة في القلب وينمو باضطراد , عبر حوار دائم عبر العقل والقلب, وتفاهم وانسجام بينهما مع تباين في وجهات النظر بحكم موقع كل منهما , ليصلا معاً إلى نتيجة مرضية, تتجلى في سكينة وسلام وطمأنينة, مهما كانت معطيات الوسط المحيط .
إيمان يبدأ لحظة سؤالنا , هل هناك قوة مبدعة في الكون أم لا ؟
وبالتالي هل هناك غاية لكل هذا أم لا ؟ وهل هناك ثقة بهذه القدرة اللا محدودة أم لا ؟
التي قولها وفعلها خير مطلق, وأرادتنا أن نكون مثلها ولو عبر دهور, وأن كل شر ما هو إلا نتيجة اختلال الميزان والانحراف عن الصراط الذي لا ترى فيه عوجاً ولا أمتا .
من لحظة الإيمان هذه, يأتي التسليم والصبر والرضى والإقرار بالقضاء والقدر وكل ما دعت إليه الرسالات السماوية, يتحدد وفقها طريقة حياة وتفكير المرء, بحكمة كل ما تراه أعيننا وغائية الأمثال المضروبة للتأمل .
وأراني هنا, بتوق للاستفاضة في الحديث عن التصوف, الذي أراه حصن من إيحاءات النفس الخادعة, التي تهيمن لحظة تواري عين العقل الرقيبة :
التصوف, ليس في لبس خرقة الدراويش والاعتكاف في زوايا المساجد والتكايا، أو في دوران مولوي مع ترديد كلمة حتى التلاشي رغم سموّ هذه الحالة .
التصوف حالة انسجام مع كل ما في الكون من أشياء, وتفاعل بالقول والفعل مع الآخر, لا غنائيات عشق إلهي في الخلوة فقط .
لأن من أحب الله أحب خلقه .
و المحبة هنا, لا تعني أن يكون مثلهم ويفكر كما يفكرون , بل تعني تقبلهم ومحاولة إحيائهم بالكلمة الصادقة والفعل الذي يترجم الكلمة، فما كانت كلمة لله إن لم تتجسد .
والصوفي يحيا لا يعيش، والدنيا عنده تختلف عن الحياة .
فالدنيا التي يستهجنها ليست إلا حالة اختلال ميزان الأشياء, كاللهاث وراء الرغبات, والاستسلام للهموم والأحزان لفترة طويلة .
يحب من الحياة الدنيا, كل ما يرقى بنفسه نحو الأسمى, ويحررها من الكدورات والشوائب . يملكها ولا تملكه
يسوسها ولا تسوسه , وهذه هي الحياة .. (قلب صاف تنعكس به الحقائق) ليس الصوفي بمنأى عن الألم والحزن والرغبة والغضب والحسد و .. و .. ., لكنه لا يفتأ يرقب نفسه, ولا يتركها
تلهو به وتقصيه عن غاية وجوده هنا ليرقيها إلى أن تصير عقلاً, في رحلة طويلة هي الغاية من هذا الكون .
غربته ووحدته ليست كغربة غيره, ولا حزنه لفقد عزيز أو خيبة أمل شخصي, أو عجز عن فهم مرحلي, بل لأنه يؤمن بحالة مثلى يصطدم تطبيقها بتنامي المادة وسطوتها وبإنسان لم يبق من إنسانيته إلا الاسم .
إنسان الاسم هذا .. الذي ارتضى أن يكون حمّال أسفار .. جمّاع أفكار .. دون أن يكلف نفسه عناء خوض التجربة
لأن التجربة تستلزم التضحية بمألوفه, وما عاش عمره يحسبه الصواب .
والتجربة تتطلب الوقوف بجرأة وحياد وصدق أمام ذاته يسائلها : وماذا بعد ؟
والتجربة تعني قوام الأمور في نصابها , مما يخسره ما يحسبه حقوقاً مشروعة .
والتجربة خسارة لنعيم محسوساته .
التجربة تحد للوهم بكل صوره التي تخدع الناظر بأنها الحقيقة .
الصوفي الحقيقي هو الإنسان, وطريق الصوفية هو طريق طويل لتحقيق إنسانيتنا .
للوصول للقامة الألفية المنتصبة العالية, المختارة المنتجبة المرشحة للخلافة على الأرض .
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 170
تاريخ التسجيل : 22/03/2012
العمر : 54
الموقع : منتديات الشيخ محمودالمهدي الاسيوطي

https://almhdy.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى