ثقافة الروح وتربية الإرادة أو حكمة الروح في الفلسفات الشرقية المعاصرة ميثم الجنابي
صفحة 1 من اصل 1
ثقافة الروح وتربية الإرادة أو حكمة الروح في الفلسفات الشرقية المعاصرة ميثم الجنابي
ثقافة الروح وتربية الإرادة أو حكمة الروح في الفلسفات الشرقية المعاصرة
ميثم الجنابي
إن الثقافات الكبرى تقف على الدوام في مجرى تناول قضايا الروح أمام معضلات لا تحصى، كما لو أنها تكشف عين الحقيقة القائلة: إن البحث عن الروح هو عين البحث عن اليقين. وفي هذا البحث يكمن أيضًا مصدر الشكوك والقلق. وهو الأمر الذي يجعل من الروح مصدر الشك واليقين، والقلق والثبات. وهي الحالة التي يكررها وجود الإنسان في ذاته عندما يقف في مجرى تعمق رؤيته العقلية أمام المفارقة المرهقة للعقل نفسه والقائمة في أن العدم هو مصير الإنسان أينما كان، لكنها مفارقة يذللها العقل نفسه عندما يرتقي إلى مصاف الحكمة، أي عندما يتحول العقل إلى روح. وهي العملية التي تعكس بصورتها المجردة انتقال العقل في بحثه عن اليقين إلى وجدان ما افتقده. وليس مصادفة أن تقول المتصوفة: (إن الوجد من الفقد) ومن ثم فإن الوجدان من الفقدان.
ومعضلة الفلسفة ومغزى وجودها هو وجدان حقائق الوجود، أي كل ما يفتقده الفرد والجماعة والأمة في مجرى تطورها من مكونات الروح الأولى. بمعنى إرجاع حقائق الوجود القائمة في الإنسان نفسه إلى الإنسان، أي إرجاع إنسانيته إليه. وهي عملية تتكامل في مجرى التطور التاريخي للعقل والثقافة، إلا أنها تعيد مع كل اكتشاف مكوناتها الأولية القائمة في مستوى الحدس الذي يقابل صفاء الطفولة ومعنى الفطرة. وهي عملية تقترن من حيث خصوصيتها بالكيفية التي تنشأ وتتطور بها ثقافات الأمم، بمعنى كيفية حلها لإشكاليات الوجود الطبيعي وماوراء الطبيعي في الفرد والجماعة والأمة. وهي عملية دائمة تشكل بحد ذاتها أسلوب وجود الإنسان والأمة والثقافة.
وتاريخ الفلسفة الشرقية ومعاناة بحثها على امتداد آلاف السنين في الهند والصين واليابان هو التعبير النموذجي عن هذه العملية الأبدية المرافقة لأبدية الروح في بحثه عن اليقين. وهو بحث يميز كل فلسفة عميقة، إلا أن خصوصيته في الشرق تقوم في تحوله إلى مبدأ وغاية الوجود. وهو الأمر الذي حصل على أشكال متنوعة ومختلفة لفكرة عامة يدركها الحدس ويؤسس لها العقل بأشكال مختلفة تقوم في (روحانية) الشرق. وهو التقييم العام الذي تحول إلى بديهية، بينما هو من حيث مصدره وغايته أحد أكثر الإشكاليات تعقيدًا وإرهاقًا للعقل والضمير (الشرقي) نفسه.
فروحانية الشرق هي ليست شيئًا معطى مرة واحدة وإلى الأبد، بقدر ما هي نتاج المعاناة الفردية والاجتماعية والقومية في مسار ما أسميته بارتقاء العقل إلى مستوى الروح. ذلك يعني أن فكرة الروحانية الشرقية هي منظومة، ليست الفلسفة والدين ونمط الحياة والفن والأدب والرياضة والطب وغيرها سوى تجليات أو مظاهر لها. ففي الطب نعثر عليها فيما يسمى بالطب الشرقي. وهو طب مبني من حيث الجوهر على رؤية الأبعاد الروحية في الجسد بوصفه وحدة واحدة أو منظومة. وهو الأمر الذي حدد إمكانية ظهور العلاج بالضوء والألوان، والعلاج بالموسيقى والصوت، وعلاج الانبساط والراحة والسيطرة الذاتية. وهي رؤية تستمد مقوماتها أيضًا من رؤية الوحدة الفعلية والحية بين الأرض والسماء، أي بين الروح والجسد أو الإنسان والطبيعة في كل شيء. ذلك يعني أن مضمون العلاج الشرقي هو النظر إلى الإنسان على إنه كل واحد، هو مظهر للروح.
والشيء نفسه نعثر عليه في الموقف من الرياضة البدنية. إذ نعثر فيها على انعكاس لوحدة الروح والجسد، وأولوية الروح. ففي مصارعة (كونغ – فو) على سبيل المثال نعثر على أبعاد فلسفية تؤسس لها من خلال وحدة (إن – يان). فهي الوحدة أو الحلقة التي تتمثل في ذاتها وحدة المذكر المؤنث. وإن التحول الدائم والاستبدال المتجدد في هذه الوحدة هو الشرط الضروري للحياة والحركة والصراع. وفي هذا التبدل والوحدة يمكن رؤية أهم مبادئ وجود وتفاعل المادة والروح، والمكان والزمان، والحياة والموت. ذلك يعني، أن عناصر الصراع في وحدة (إن - يان) مترابطة فيما بينها، ويؤدي كل واحد منها إلى الأخر. مما يفترض بدوره ضرورة معرفتها. وهي عملية تؤدي إلى صنع المنظومة والوحدة الكلية. ومن ثم طرد كل عنصر طارئ وعرضي وعابر. إن هذه الرؤية تهدف إلى تحسس وفهم حقيقة المصارعة بوصفها فنًا، وذلك لأن غايتها ليس الفوز والانتصار بل الدفاع عن الحياة. ومن ثم فلا ذروة لها بوصفها فن الحياة سوى بلوغ التجانس والتوازن. أما بلوغ حالة التجانس والتوازن هذه فيفترض معرفة الثنائيات المتضادات مثل الروح والمادة، والشهيق والزفير، والشكل والمضمون، والفوز والهزيمة، أي وحدة الكل في المتناقضات. إن معرفة ثنائية الروح والمادة ضرورية من أجل إدراك أن مضمون كل مادة هو روحها، مثل الصوت والصدى، والنار والدخان. ونفس الشيء ينطبق على الثنائيات الأخرى. إن هذا الإدراك يؤدي إلى معرفة النظام الروحي للحياة الكونية، وإلى الحياة في وحدتها بوصفها مظهرًا من مظاهر هذا النظام الروحي الكوني. وهي رؤية تتخذ في تطبيقها على فن المصارعة إدراك كل هذه المكونات ووضعها في منظومة مهمتها إعادة بناء الروح أو الإرادة بالشكل الذي يجعل منها أسلوبًا لوحدة الذات وكمالها. فعندما تكون المشكلة في إتقان فن الحركة، فإن ذلك يلزم إبراز أو إظهار أكثر مناطق الضعف فيها ثم عرضها على معايير القوة والسرعة أو الشكل. فإذا كانت المشكلة، على سبيل المثال، في شكل الحركة، فإن ذلك يعني ارتباطها بالتنفس. فهو الذي يؤثر على السرعة. من هنا يكون تحسين وإتقان كيفية التنفس الطريق إلى تحسين شكل الحركة. وتحسينها يؤدي بدوره إلى تحسين شكل الحركة وإتقانها، مما يؤدي بدوره إلى تحسين القوة. وتحسن القوة يجعل من الحركة أكثر دقة. مما يؤدي بدوره إلى زيادة السرعة، والسرعة إلى تحسين التنفس وارتقائه صوب الكمال. وهي عملية دائبة شأنها شأن الحياة، لا انقطاع فيها. ذلك يعني أنها ضرورية للحياة. وأن حقيقتها تقوم في كونها فنًا يساعد صاحبها على تطوير ملكة الرسم والرقص والموسيقى. وفيها ومن خلالها يجري التعبير عن حالة وجدانية تطابق بين الحياة والفن، والفن والحياة. وليس اعتباطًا أن تتوصل فلسفة الفن اليابانية إلى القول إنه لا توجد في اليابان فروق حادة بين الفن والحياة العادية. ففي الفن الياباني عادة ما يجري الاهتمام البالغ بالحركة الجسدية المباشرة للممارسة الفنية.
مما سبق يتضح أن مضمون الروحانية الشرقية، وحقيقة الروح في الفلسفات الشرقية هي منظومة. لكنها ليست منظومة بحد ذاتها فحسب، بل وفي استظهارها التاريخي أيضًا. فهي منظومة من حيث قدرتها على تنظيم الإرادة الفردية عبر تربية ملكة الإرادة نفسها وتوظيفها لخدمة حقائق الروح الكبرى نفسها. مع ما يترتب عليه من استعداد للعمل والتضحية. بمعنى قدرتها على صنع ما يمكن دعوته بمنظومة الروح الفاعل في كل ما يكون (موضوعًا) لها، سواء كان ذلك جسد وروح الفرد والجماعة أو الأمة والدولة. أما استظهارها التاريخي فهو قدرتها على شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة الإشكاليات الكبرى أو التحديات التاريخية التي تواجهها الأمم. وليس مصادفة أن تتحول حوارات بوذا، وكتب الأوبانيشاد، وتقاليد الفيدا، وكتب التاو، وحكمة كونفوشيوس إلى مصادر جوهرية لم تفقد قيمتها مع مرور الزمن. بل على العكس، إنها تستعيد قوتها مع كل انعطاف حاد في تاريخ الأمم، وترتقي مع كل تحد أو تجربة هائلة إلى مصاف المصادر الجوهرية للحكمة النظرية والعملية وتربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية، أي تربية الروح الخاص والعام.
فعندما ننظر على سبيل المثال إلى التجربة اليابانية و(معجزتها) الاقتصادية والتكنولوجية، فإنها لا تخرج في الواقع عن تأثير ما أشرت إليه أعلاه، عندما ننظر إليها بمعايير إدراك أهمية وفاعلية الروحانية الشرقية أو فلسفة الروح الشرقية. إذ نعثر فيها أولًا وقبل كل شيء على كيفية استظهار المنظومة الروحية والثقافية الذاتية المتراكمة في وعي الأمة اليابانية بوصفها خزين حكمتها النظرية والعملية. بمعنى أننا نعثر فيها أولًا وقبل كل شيء على كيفية شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مجال تربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية. فقد استطاعت (المعجزة) اليابانية في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا والعلم استيعاب نتائج التجارب (الغربية) (الأوربية والأمريكية) مع البقاء ضمن حيز ومعايير الروح (الشرقي) (الذاتي). إذ لم تتبع اليابان نموذج الفردية الأوربية، وذلك لتعارضها مع التقاليد اليابانية التي جمعت كلًا من الكونفوشيوسية والبوذية والسنتوية في نسيجها الخاص. وإن حصيلة هذه التقاليد لم تعقل وجود وفاعلية الفرد بذاته خارج الطبيعة والمجتمع. وليس غير منظوميتها العريقة والذائبة في أصول الوعي الثقافي، من استطاع شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة التحدي الجديد لتحديث اليابان، كما نعثر عليه في فلسفة القلب (سينغاكو) التي بلورها إسيدا بايغان (1684-1744). فهي الفلسفة التي ساهمت في تأسيس الرؤية الجديدة لإمكانية تقبل وتمثل نتائج الثقافة (الغربية) (الأوربية). وهي فلسفة تنطلق من رؤيتها للإنسان باعتباره شيئًا من (عشرة آلاف شيء) توجد في وحدة جوهرية مع السماء والأرض. وأن الناس متساوين بينهم لأن كل إنسان هو كون صغير. ومن ثم فإن كل إنسان قادر على أن يكون متكاملًا. وأن هذا الكمال مرتبط بما يؤديه من وظيفة معينة أو عمل من الأعمال على قدر استعداده على تجسيد ما فيه وبما يخدم الدولة. فالإنسان بهذا المعنى هو جزء من كيان اجتماعي موحد. وبهذا استطاعت فلسفة القلب هذه أن تعطي لكل الفئات والمهن قيمة موحدة مشتركة ولكل فئة أو فرد واجبًا لا يقل عن واجب أي فئة أو فرد آخر. وذلك لأنها جعلت فكرة الضمير والواجب شيئًا واحدًا يمكن تجسيده من خلال إتقان المهنة والاجتهاد فيها إضافة إلى الصدق والإخلاص والاقتصاد. بمعنى اعتبار تبذير الثروة من أشد الرذائل. أما النتيجة فهي (راحة قلب الشعب). إن حصيلة هذه الأفكار تسعى لإعادة إنتاج منظومة الإرادة الفردية والاجتماعية ضمن تقاليد الرؤية الكونفوشيوسية القائلة إن نجاح الفرد هو عين نجاحه الاجتماعي. وفيها تنعكس وحدة الإنسان والطبيعة المميزة لبوذية دزين، والسنتوية. بمعنى ليس الأخلاق الفردية بل العامة هي مصدر التقدم.
ونعثر على نفس هذه الظاهرة في تجربة الهند والصين المعاصرتين، أي على ما أسميته بالاستظهار التاريخي لمنظومة الفلسفة الروحية الشرقية. فعندما ننظر على سبيل المثال إلى التجربة الهندية المعاصرة، فإننا نقف في الواقع أمام نفس الظاهرة العامة القائمة في كيفية استظهار المنظومة الروحية والثقافية الذاتية المتراكمة في وعي الأمة الهندية بوصفها خزين حكمتها النظرية والعملية. بمعنى أننا نعثر فيها أيضًا على كيفية شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مجال تربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية من أجل التحرر أولًا من السيطرة البريطانية ومن ثم بناء ذاتها الجديدة. بمعنى أننا نقف أمام كيفية استلهام تراث الأسلاف بالشكل الذي يجعله طاقة فعالة في مواجهة التحديات الكبرى. وفي هذا الاستلهام كانت تجري إعادة لضم المصادر الجوهرية للحكمة النظرية والعملية في بناء وتربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية. وهي العملية التي جسدتها بصورة نموذجية فلسفة اللاعنف الغاندية. فقد كانت فلسفة المهاتما غاندي تستند إلى تراث التقاليد الهندية الفلسفية الكبرى وخزينها الروحي. إذ أن مشروعه النظري العام هو تحقيق مشروع راما راج (راما هو: الصيغة الأرضية للإلهة فيشنا). أمام أسلوبه العملي، فهو مبدأ المواجهة السلمية ونبذ العنف. فمن الناحية الشكلية والعامة لم تكن فكرة نبذ العنف حتى من وجهة نظر غاندي، فكرة جديدة، إلا أنه حاول أن يعطيها بعدًا جديدا ليجعلها شيئًا معادلاً لفكرة (أرواح الحقائق الإلهية) وأسلوبًا لتجسيدها. بمعنى أن حقائق الله الكبرى لا تحتاج إلى عنف لأنها قادرة على تذليل كل خروج عليها. من هنا مهمة تحقيقها الفردي. إذ جعل غاندي من نفسه وعاءً وأسلوبًا وموضوعًا وذاتًا لتحقيقها في كل فعل، أي جعل من حياته نموذجًا لتحقيق حقائق الروح الهندي كما بلورته تقاليد الفلسفة والدين. وهي الصيغة التي جسدت بصورة نموذجية كيفية تحويل منظومة الروح الهندي كما فهمها غاندي، إلى مبدأ جوهري لإعادة بناء النفس والإرادة الوطنية العامة (الهندية) في إحدى المراحل الحرجة لانعطاف كيانها التاريخي. ولا تشذ تجارب الشرق الكبرى في الصين وغيرها عن هذا المسار العام، رغم خصائصها السياسية التي جعلت من الشيوعية إيديولوجيا التوحيد الفردي والاجتماعي والقومي من أجل إعادة بناء الإرادة الجديدة. وهي ظاهرة تصب، رغم إشكاليتها السياسية، في الاتجاه العام لما أسميته باستلهام تجارب الأسلاف عبر شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي بمعايير الحكمة الذاتية، أو منظومة الروح الشرقي في أحد تجلياته الخاصة.
وبغض النظر عن تنوع واختلاف التأويل والتحقيق لحكمة الأسلاف بشكل عام ومنظومة الروح بشكل خاص، إلا أن تجارب الشرق عمومًا في مجال صنع الإرادة الموحدة جلية في شيئين، الأول وهو إدراك الفلسفات الشرقية المعاصرة لقيمة هذا الروح بالنسبة لتربية الإرادة العامة والخاصة للأمة في مراحل الانعطاف التاريخية الكبرى، والثاني هو إدراك قدرة الروح الفعلية على تربية روحية وروحانية الإجماع أثناء التحديات الكبرى التي تواجهها الأمم.
إن التجارب العامة والخاصة، الكبرى والصغرى للفلسفات الشرقية وبحثها عن الروح وتأسيسها العملي الناجح له تبرهن على أن تربية الروح هو النتاج الطبيعي لروح التربية، وأن الذي يربي الروح هو تقاليد الروح، وأن استلهامها الحقيقي يقوم في كيفية تمثلها وتوظيفها لشحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الأمم من خلال تربية الإرادة واحتكامها إلى حكمة الأسلاف. بمعنى قدرتها على التجدد بمعايير المعاصرة. أما الانفصال الفعلي عنها، بمعنى عدم القدرة على إعادة إنتاجها بمعايير المعاصرة والتجديد، فهو سر الخراب القائم في استبدالها بمختلف نماذج التقليد.
إن تجارب الشرق الروحية المتنوعة وتأسيسها الفلسفي المتنوع فيما يتعلق بقضايا الروح وتربية الإرادة تكشف عما فيها من قيمة وفاعلية ومغزى بالنسبة لمغامرات الأمم في بناء كينونتها الذاتية. كما أن الناجح منها يكشف عن سعة وعمق ومدى الانحراف والسقوط الهائل للعالم العربي في مجال تأسيس روحه الثقافي الخاص. إنه يكشف عن فشله في تربية الإرادة الروحية العامة والخاصة. وهو فشل يبرز في الإخفاق الدائم لتوحيد الإرادة في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة. وهو إخفاق يشير إلى غياب حكمة الروح العربي، ومن ثم لا شيء غير اجترار الزمن. وهو اجترار لا يصنع تاريخًا ولا حكمة، لكنه يصنع على الدوام مختلف أصناف الهزيمة.
المصدر: موقع المعرفة
http://www.almarefah.com/article.php?id=879
ميثم الجنابي
إن الثقافات الكبرى تقف على الدوام في مجرى تناول قضايا الروح أمام معضلات لا تحصى، كما لو أنها تكشف عين الحقيقة القائلة: إن البحث عن الروح هو عين البحث عن اليقين. وفي هذا البحث يكمن أيضًا مصدر الشكوك والقلق. وهو الأمر الذي يجعل من الروح مصدر الشك واليقين، والقلق والثبات. وهي الحالة التي يكررها وجود الإنسان في ذاته عندما يقف في مجرى تعمق رؤيته العقلية أمام المفارقة المرهقة للعقل نفسه والقائمة في أن العدم هو مصير الإنسان أينما كان، لكنها مفارقة يذللها العقل نفسه عندما يرتقي إلى مصاف الحكمة، أي عندما يتحول العقل إلى روح. وهي العملية التي تعكس بصورتها المجردة انتقال العقل في بحثه عن اليقين إلى وجدان ما افتقده. وليس مصادفة أن تقول المتصوفة: (إن الوجد من الفقد) ومن ثم فإن الوجدان من الفقدان.
ومعضلة الفلسفة ومغزى وجودها هو وجدان حقائق الوجود، أي كل ما يفتقده الفرد والجماعة والأمة في مجرى تطورها من مكونات الروح الأولى. بمعنى إرجاع حقائق الوجود القائمة في الإنسان نفسه إلى الإنسان، أي إرجاع إنسانيته إليه. وهي عملية تتكامل في مجرى التطور التاريخي للعقل والثقافة، إلا أنها تعيد مع كل اكتشاف مكوناتها الأولية القائمة في مستوى الحدس الذي يقابل صفاء الطفولة ومعنى الفطرة. وهي عملية تقترن من حيث خصوصيتها بالكيفية التي تنشأ وتتطور بها ثقافات الأمم، بمعنى كيفية حلها لإشكاليات الوجود الطبيعي وماوراء الطبيعي في الفرد والجماعة والأمة. وهي عملية دائمة تشكل بحد ذاتها أسلوب وجود الإنسان والأمة والثقافة.
وتاريخ الفلسفة الشرقية ومعاناة بحثها على امتداد آلاف السنين في الهند والصين واليابان هو التعبير النموذجي عن هذه العملية الأبدية المرافقة لأبدية الروح في بحثه عن اليقين. وهو بحث يميز كل فلسفة عميقة، إلا أن خصوصيته في الشرق تقوم في تحوله إلى مبدأ وغاية الوجود. وهو الأمر الذي حصل على أشكال متنوعة ومختلفة لفكرة عامة يدركها الحدس ويؤسس لها العقل بأشكال مختلفة تقوم في (روحانية) الشرق. وهو التقييم العام الذي تحول إلى بديهية، بينما هو من حيث مصدره وغايته أحد أكثر الإشكاليات تعقيدًا وإرهاقًا للعقل والضمير (الشرقي) نفسه.
فروحانية الشرق هي ليست شيئًا معطى مرة واحدة وإلى الأبد، بقدر ما هي نتاج المعاناة الفردية والاجتماعية والقومية في مسار ما أسميته بارتقاء العقل إلى مستوى الروح. ذلك يعني أن فكرة الروحانية الشرقية هي منظومة، ليست الفلسفة والدين ونمط الحياة والفن والأدب والرياضة والطب وغيرها سوى تجليات أو مظاهر لها. ففي الطب نعثر عليها فيما يسمى بالطب الشرقي. وهو طب مبني من حيث الجوهر على رؤية الأبعاد الروحية في الجسد بوصفه وحدة واحدة أو منظومة. وهو الأمر الذي حدد إمكانية ظهور العلاج بالضوء والألوان، والعلاج بالموسيقى والصوت، وعلاج الانبساط والراحة والسيطرة الذاتية. وهي رؤية تستمد مقوماتها أيضًا من رؤية الوحدة الفعلية والحية بين الأرض والسماء، أي بين الروح والجسد أو الإنسان والطبيعة في كل شيء. ذلك يعني أن مضمون العلاج الشرقي هو النظر إلى الإنسان على إنه كل واحد، هو مظهر للروح.
والشيء نفسه نعثر عليه في الموقف من الرياضة البدنية. إذ نعثر فيها على انعكاس لوحدة الروح والجسد، وأولوية الروح. ففي مصارعة (كونغ – فو) على سبيل المثال نعثر على أبعاد فلسفية تؤسس لها من خلال وحدة (إن – يان). فهي الوحدة أو الحلقة التي تتمثل في ذاتها وحدة المذكر المؤنث. وإن التحول الدائم والاستبدال المتجدد في هذه الوحدة هو الشرط الضروري للحياة والحركة والصراع. وفي هذا التبدل والوحدة يمكن رؤية أهم مبادئ وجود وتفاعل المادة والروح، والمكان والزمان، والحياة والموت. ذلك يعني، أن عناصر الصراع في وحدة (إن - يان) مترابطة فيما بينها، ويؤدي كل واحد منها إلى الأخر. مما يفترض بدوره ضرورة معرفتها. وهي عملية تؤدي إلى صنع المنظومة والوحدة الكلية. ومن ثم طرد كل عنصر طارئ وعرضي وعابر. إن هذه الرؤية تهدف إلى تحسس وفهم حقيقة المصارعة بوصفها فنًا، وذلك لأن غايتها ليس الفوز والانتصار بل الدفاع عن الحياة. ومن ثم فلا ذروة لها بوصفها فن الحياة سوى بلوغ التجانس والتوازن. أما بلوغ حالة التجانس والتوازن هذه فيفترض معرفة الثنائيات المتضادات مثل الروح والمادة، والشهيق والزفير، والشكل والمضمون، والفوز والهزيمة، أي وحدة الكل في المتناقضات. إن معرفة ثنائية الروح والمادة ضرورية من أجل إدراك أن مضمون كل مادة هو روحها، مثل الصوت والصدى، والنار والدخان. ونفس الشيء ينطبق على الثنائيات الأخرى. إن هذا الإدراك يؤدي إلى معرفة النظام الروحي للحياة الكونية، وإلى الحياة في وحدتها بوصفها مظهرًا من مظاهر هذا النظام الروحي الكوني. وهي رؤية تتخذ في تطبيقها على فن المصارعة إدراك كل هذه المكونات ووضعها في منظومة مهمتها إعادة بناء الروح أو الإرادة بالشكل الذي يجعل منها أسلوبًا لوحدة الذات وكمالها. فعندما تكون المشكلة في إتقان فن الحركة، فإن ذلك يلزم إبراز أو إظهار أكثر مناطق الضعف فيها ثم عرضها على معايير القوة والسرعة أو الشكل. فإذا كانت المشكلة، على سبيل المثال، في شكل الحركة، فإن ذلك يعني ارتباطها بالتنفس. فهو الذي يؤثر على السرعة. من هنا يكون تحسين وإتقان كيفية التنفس الطريق إلى تحسين شكل الحركة. وتحسينها يؤدي بدوره إلى تحسين شكل الحركة وإتقانها، مما يؤدي بدوره إلى تحسين القوة. وتحسن القوة يجعل من الحركة أكثر دقة. مما يؤدي بدوره إلى زيادة السرعة، والسرعة إلى تحسين التنفس وارتقائه صوب الكمال. وهي عملية دائبة شأنها شأن الحياة، لا انقطاع فيها. ذلك يعني أنها ضرورية للحياة. وأن حقيقتها تقوم في كونها فنًا يساعد صاحبها على تطوير ملكة الرسم والرقص والموسيقى. وفيها ومن خلالها يجري التعبير عن حالة وجدانية تطابق بين الحياة والفن، والفن والحياة. وليس اعتباطًا أن تتوصل فلسفة الفن اليابانية إلى القول إنه لا توجد في اليابان فروق حادة بين الفن والحياة العادية. ففي الفن الياباني عادة ما يجري الاهتمام البالغ بالحركة الجسدية المباشرة للممارسة الفنية.
مما سبق يتضح أن مضمون الروحانية الشرقية، وحقيقة الروح في الفلسفات الشرقية هي منظومة. لكنها ليست منظومة بحد ذاتها فحسب، بل وفي استظهارها التاريخي أيضًا. فهي منظومة من حيث قدرتها على تنظيم الإرادة الفردية عبر تربية ملكة الإرادة نفسها وتوظيفها لخدمة حقائق الروح الكبرى نفسها. مع ما يترتب عليه من استعداد للعمل والتضحية. بمعنى قدرتها على صنع ما يمكن دعوته بمنظومة الروح الفاعل في كل ما يكون (موضوعًا) لها، سواء كان ذلك جسد وروح الفرد والجماعة أو الأمة والدولة. أما استظهارها التاريخي فهو قدرتها على شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة الإشكاليات الكبرى أو التحديات التاريخية التي تواجهها الأمم. وليس مصادفة أن تتحول حوارات بوذا، وكتب الأوبانيشاد، وتقاليد الفيدا، وكتب التاو، وحكمة كونفوشيوس إلى مصادر جوهرية لم تفقد قيمتها مع مرور الزمن. بل على العكس، إنها تستعيد قوتها مع كل انعطاف حاد في تاريخ الأمم، وترتقي مع كل تحد أو تجربة هائلة إلى مصاف المصادر الجوهرية للحكمة النظرية والعملية وتربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية، أي تربية الروح الخاص والعام.
فعندما ننظر على سبيل المثال إلى التجربة اليابانية و(معجزتها) الاقتصادية والتكنولوجية، فإنها لا تخرج في الواقع عن تأثير ما أشرت إليه أعلاه، عندما ننظر إليها بمعايير إدراك أهمية وفاعلية الروحانية الشرقية أو فلسفة الروح الشرقية. إذ نعثر فيها أولًا وقبل كل شيء على كيفية استظهار المنظومة الروحية والثقافية الذاتية المتراكمة في وعي الأمة اليابانية بوصفها خزين حكمتها النظرية والعملية. بمعنى أننا نعثر فيها أولًا وقبل كل شيء على كيفية شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مجال تربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية. فقد استطاعت (المعجزة) اليابانية في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا والعلم استيعاب نتائج التجارب (الغربية) (الأوربية والأمريكية) مع البقاء ضمن حيز ومعايير الروح (الشرقي) (الذاتي). إذ لم تتبع اليابان نموذج الفردية الأوربية، وذلك لتعارضها مع التقاليد اليابانية التي جمعت كلًا من الكونفوشيوسية والبوذية والسنتوية في نسيجها الخاص. وإن حصيلة هذه التقاليد لم تعقل وجود وفاعلية الفرد بذاته خارج الطبيعة والمجتمع. وليس غير منظوميتها العريقة والذائبة في أصول الوعي الثقافي، من استطاع شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة التحدي الجديد لتحديث اليابان، كما نعثر عليه في فلسفة القلب (سينغاكو) التي بلورها إسيدا بايغان (1684-1744). فهي الفلسفة التي ساهمت في تأسيس الرؤية الجديدة لإمكانية تقبل وتمثل نتائج الثقافة (الغربية) (الأوربية). وهي فلسفة تنطلق من رؤيتها للإنسان باعتباره شيئًا من (عشرة آلاف شيء) توجد في وحدة جوهرية مع السماء والأرض. وأن الناس متساوين بينهم لأن كل إنسان هو كون صغير. ومن ثم فإن كل إنسان قادر على أن يكون متكاملًا. وأن هذا الكمال مرتبط بما يؤديه من وظيفة معينة أو عمل من الأعمال على قدر استعداده على تجسيد ما فيه وبما يخدم الدولة. فالإنسان بهذا المعنى هو جزء من كيان اجتماعي موحد. وبهذا استطاعت فلسفة القلب هذه أن تعطي لكل الفئات والمهن قيمة موحدة مشتركة ولكل فئة أو فرد واجبًا لا يقل عن واجب أي فئة أو فرد آخر. وذلك لأنها جعلت فكرة الضمير والواجب شيئًا واحدًا يمكن تجسيده من خلال إتقان المهنة والاجتهاد فيها إضافة إلى الصدق والإخلاص والاقتصاد. بمعنى اعتبار تبذير الثروة من أشد الرذائل. أما النتيجة فهي (راحة قلب الشعب). إن حصيلة هذه الأفكار تسعى لإعادة إنتاج منظومة الإرادة الفردية والاجتماعية ضمن تقاليد الرؤية الكونفوشيوسية القائلة إن نجاح الفرد هو عين نجاحه الاجتماعي. وفيها تنعكس وحدة الإنسان والطبيعة المميزة لبوذية دزين، والسنتوية. بمعنى ليس الأخلاق الفردية بل العامة هي مصدر التقدم.
ونعثر على نفس هذه الظاهرة في تجربة الهند والصين المعاصرتين، أي على ما أسميته بالاستظهار التاريخي لمنظومة الفلسفة الروحية الشرقية. فعندما ننظر على سبيل المثال إلى التجربة الهندية المعاصرة، فإننا نقف في الواقع أمام نفس الظاهرة العامة القائمة في كيفية استظهار المنظومة الروحية والثقافية الذاتية المتراكمة في وعي الأمة الهندية بوصفها خزين حكمتها النظرية والعملية. بمعنى أننا نعثر فيها أيضًا على كيفية شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مجال تربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية من أجل التحرر أولًا من السيطرة البريطانية ومن ثم بناء ذاتها الجديدة. بمعنى أننا نقف أمام كيفية استلهام تراث الأسلاف بالشكل الذي يجعله طاقة فعالة في مواجهة التحديات الكبرى. وفي هذا الاستلهام كانت تجري إعادة لضم المصادر الجوهرية للحكمة النظرية والعملية في بناء وتربية الإرادة الفردية والاجتماعية والقومية. وهي العملية التي جسدتها بصورة نموذجية فلسفة اللاعنف الغاندية. فقد كانت فلسفة المهاتما غاندي تستند إلى تراث التقاليد الهندية الفلسفية الكبرى وخزينها الروحي. إذ أن مشروعه النظري العام هو تحقيق مشروع راما راج (راما هو: الصيغة الأرضية للإلهة فيشنا). أمام أسلوبه العملي، فهو مبدأ المواجهة السلمية ونبذ العنف. فمن الناحية الشكلية والعامة لم تكن فكرة نبذ العنف حتى من وجهة نظر غاندي، فكرة جديدة، إلا أنه حاول أن يعطيها بعدًا جديدا ليجعلها شيئًا معادلاً لفكرة (أرواح الحقائق الإلهية) وأسلوبًا لتجسيدها. بمعنى أن حقائق الله الكبرى لا تحتاج إلى عنف لأنها قادرة على تذليل كل خروج عليها. من هنا مهمة تحقيقها الفردي. إذ جعل غاندي من نفسه وعاءً وأسلوبًا وموضوعًا وذاتًا لتحقيقها في كل فعل، أي جعل من حياته نموذجًا لتحقيق حقائق الروح الهندي كما بلورته تقاليد الفلسفة والدين. وهي الصيغة التي جسدت بصورة نموذجية كيفية تحويل منظومة الروح الهندي كما فهمها غاندي، إلى مبدأ جوهري لإعادة بناء النفس والإرادة الوطنية العامة (الهندية) في إحدى المراحل الحرجة لانعطاف كيانها التاريخي. ولا تشذ تجارب الشرق الكبرى في الصين وغيرها عن هذا المسار العام، رغم خصائصها السياسية التي جعلت من الشيوعية إيديولوجيا التوحيد الفردي والاجتماعي والقومي من أجل إعادة بناء الإرادة الجديدة. وهي ظاهرة تصب، رغم إشكاليتها السياسية، في الاتجاه العام لما أسميته باستلهام تجارب الأسلاف عبر شحن العقل النظري وشحذ العقل العملي بمعايير الحكمة الذاتية، أو منظومة الروح الشرقي في أحد تجلياته الخاصة.
وبغض النظر عن تنوع واختلاف التأويل والتحقيق لحكمة الأسلاف بشكل عام ومنظومة الروح بشكل خاص، إلا أن تجارب الشرق عمومًا في مجال صنع الإرادة الموحدة جلية في شيئين، الأول وهو إدراك الفلسفات الشرقية المعاصرة لقيمة هذا الروح بالنسبة لتربية الإرادة العامة والخاصة للأمة في مراحل الانعطاف التاريخية الكبرى، والثاني هو إدراك قدرة الروح الفعلية على تربية روحية وروحانية الإجماع أثناء التحديات الكبرى التي تواجهها الأمم.
إن التجارب العامة والخاصة، الكبرى والصغرى للفلسفات الشرقية وبحثها عن الروح وتأسيسها العملي الناجح له تبرهن على أن تربية الروح هو النتاج الطبيعي لروح التربية، وأن الذي يربي الروح هو تقاليد الروح، وأن استلهامها الحقيقي يقوم في كيفية تمثلها وتوظيفها لشحن العقل النظري وشحذ العقل العملي في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الأمم من خلال تربية الإرادة واحتكامها إلى حكمة الأسلاف. بمعنى قدرتها على التجدد بمعايير المعاصرة. أما الانفصال الفعلي عنها، بمعنى عدم القدرة على إعادة إنتاجها بمعايير المعاصرة والتجديد، فهو سر الخراب القائم في استبدالها بمختلف نماذج التقليد.
إن تجارب الشرق الروحية المتنوعة وتأسيسها الفلسفي المتنوع فيما يتعلق بقضايا الروح وتربية الإرادة تكشف عما فيها من قيمة وفاعلية ومغزى بالنسبة لمغامرات الأمم في بناء كينونتها الذاتية. كما أن الناجح منها يكشف عن سعة وعمق ومدى الانحراف والسقوط الهائل للعالم العربي في مجال تأسيس روحه الثقافي الخاص. إنه يكشف عن فشله في تربية الإرادة الروحية العامة والخاصة. وهو فشل يبرز في الإخفاق الدائم لتوحيد الإرادة في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة. وهو إخفاق يشير إلى غياب حكمة الروح العربي، ومن ثم لا شيء غير اجترار الزمن. وهو اجترار لا يصنع تاريخًا ولا حكمة، لكنه يصنع على الدوام مختلف أصناف الهزيمة.
المصدر: موقع المعرفة
http://www.almarefah.com/article.php?id=879
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى